(فَصْلٌ* السِّوَاكُ مُسْتَحَبُّ فِى كُلِّ حَالٍ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ لِلصَّائِمِ، وَهُوَ فِى ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا عِنْدَ تَغَيُّرِ الْفَمِّ مِنْ أَزْمٍ وَغَيْرِهِ، وَعِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ، وَعِنْدَ الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ) السواك سنة مطلقا لقوله صلى الله عليه وسلم: (السِّواكُ مَطْهَرَةٌ للفم مرضاة للرب) وهو حديث صحيح رواه ابن حزيمة وابن حبان والبيهقى والنسائى بإسناد صحيح، وذكره البخارى تعليقا بصيغة الجزم وتعليقاته بصيغة الجزم صحيحة، و(مطهرة) بفتح الميم وكسرها هي كل إناء يتطهر به فشبه السواك بذلك لأنه يطهر الفم، وهل يكره للصائم بعد الزوال فيه خلاف، الراجح فى الرافعى والروضة أنه يكره لقوله عليه الصلاة والسلام (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)، رواه البخارى، وفى رواية مسل (يوم القيامة)، والخلوف بضم الخاء واللام هو التغيير، وخُص بما بعد الزوال، لأن تغير الفم بسبب الصوم حينئذ يظهر، فلو تغير فمه بعد الزوال بسبب آخر كنوم أو غيره فاستاك لأجل ذلك لا يكره، وقيل لا يكره الإستياك مطلقا، وبه قال الأئمة الثلاثة، ورجحه النووي فى شرح المهذب، وقال القاضى حسين يكره فى الفرض دون النفل خوفا من الرياء، وقول المصنف <للصائم> يؤخذ منه أن الكراهة تزول بغروب الشمس وهذا هو الصحيح فى شرح المهذب، وقيل تبقى الكراهة إلى الفطر والله أعلم.
ثم السواك يتأكد استحبابه فى مواضع: منها <عند تغير الفم من أزم وغيره>، والأزم قيل السكوت الطويل، وقيل هو ترك الأكل، وقوله <وغيره> يدخل فيه ما إذا تغير بأكل ماله رائحة كريهة كالثوم والبصل ونحوهما، ومنها <عند القيام من النوم> (كَانَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ النَّوْمِ اسْتَاكَ) وروي (يشوص فاه بالسواك) ومعنى يشوص ينظف ويغسل، والحديث رواه الشيخان، ووجه تأكيد الإستحباب عند القيام منه أن النوم يستلزم ترك الأكل والسكوت وهما من أسباب التغير، ومنها <عند القيام إلى الصلاة> لقوله صلى الله عليه وسلم (لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) رواه الشيخان. وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ركعتان بالسواك أفضل من سبعين ركعة بلا سواك) رواه أبو نعيم من حديث الحميدى بإسناد كل رجاله ثقات، والسواك المتأكد عند القيام إلى الصلاة ذات تسليمات كالضحى والتراويح والتهجد استحب لع أن يستاك لكل ركعتين، وكذا للجنازة والطواف، ولا فرق بين الصلاة بالوضوء أو التيمم أو عند فقد الطهرين، ويتأكد الاستحباب أيضا عند الوضوء وإن لم يصل، روى النسائى (لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء) وصححها ابن حزيمة، وعلقها البخارى، ويستحب عند قراءة القرآن، وعند اصفرار الأسنان وإن لم يتغير الفم.
واعلم أنه يحصل الإستياك بخرقة وبكل خشن مزبل، والعواد أول، والأراك أولى، والأفضل أن يكون بيابس ندي بالماء، ويستحب غسله ليستاك به ثانيا، ولو استاك بأصبع غيره وهي خشنة أجزأ قطعا قاله فى شرح المهذب، وفى أصبعه خلاف: الراجح فى الروضة لا يجزئ، والراجح فى شرح المهذب الأجزاء، وبه قطع القاضى حسين والمحاملى والبغوى والشيخ أبو حامد، واختاره الرويانى فى البحر ولا بأس أن يستاك بسواك غيره بإذنه: ويستحب أن يستاك بيمينه وبالجانب الأيمن من فمه وأن يمره على سقف حلقه إمرارا لطيفا وكراسي أضراسه، وينوي بالسواك السنة، ويستحب عند دخول المنزل، وعند إرادة النوم والله تعالى أعلم. قال:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق